كلمة رابطة الصحفيين العرب في واشنطن في حفل تأبين الزميل المرحوم فوزي الأسمر الذي اقامه مركز الحوار في مكتبة الحكمة يوم 12 أكتوبر 2013

نجتمع اليوم لإحياء ذكرى زميل عزيز رحل عنا بعد أن كابد متاعب مهنتنا لأكثر من نصف قرن بدأها في فلسطين حيث ولد تربي وترعرع ليكمل مسيرته في الولايات المتحدة كاتبا وباحثا وصحفيا جعل من قلمه أداة دفاع عن قضية وطن وشعب يسعى حثيثا للتحرر من أسوأ استعمار استيطاني إحلالي عرفته البشرية.

فوزي الأسمر تغذى منذ ولادته بحليبِ وطنه فلسطين، أحب كلَّ ذرَّةِ ترابٍ، بل قدَّسها وعفَّرْ وجهه بها.

في شبابه ازداد فوزي  حماساً ووطنيَّة، فطالبت بحقوق عرب فلسطين التي سلبها مغتصبو الأرض وناضل من أجل إعادتِها بالعمل الدَّؤوبِ بالايمان، بكلمة الحقّ وبالحجَّة.. كان سياسيا قبل أن يكون صحفيا، تلك المهنة التي أحببناها وانتظمنا في سلكها.

كان فوزي يؤمن بالعمل الجماعي والمنظم، لذلك سارع قبل أكثر من ثلاثة عشر عاما ليشارك مع زملاء آخرين لتأسيس رابطة الصحفيين العرب في واشنطن وليشغل عضوية لجنتها التنفيذية، وبقي فوزي جزءا من أنشطتها حتى عندما كان يعاني المرض، ورغم الإعياء إلا أنه شارك في حفل التكريم الذي أقامته الرابطة لأحد مؤسسيها في عيد ميلاده الثمانين  وهو محمد حقي في السابع من إبريل الماضي، بأنه لا يفصله عن هذا السن سوى عامين ووعدناه أن نحتفل بثمانينه، لكن القدر لم يمهله.

نحن زملاء فوزي.. عرفناه ليس فقط من كتبه ومفالاته بل من سيرته التي كانت بالنسبة لمحبيه وأهله وشعبه مسيرة نضال.

فإلى “حركة الارض” انتمى كمحطة نضالية للحفاظ على عروبة ارض فلسطين، ودفع ورفاقه المؤسسين اجمل سنوات أعمارهم وراء قضبان سجون المستعمر ثمنا لموقف لم يحيدوا عنه بأن أرض فلسطين لن تتكلم إلا العربية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

في رحاب “حركة الارض” صقل فوزي وعيه وانضج وعي آخرين كُثُر للتمسك بعروبة فلسطين وايمانا راسخا منهم بانها ستعود الى اصولها وهويتها القومية بعد التحرير، ولو طال الانتظار.

دافع فوزي بصدق واخلاص واحساس الشاعر المرهف ضد محاولات “اسرلة” الشعب الفلسطيني. ورغم تعلمه العبرية، لغة المستمعر المفروضة بحكم الواقع، إلا أن فوزي قاوم الاندماج ووظف تلك اللغة في سياق النضال اليومي وخدمة للمشروع القومي التحرري، وازدادت وطنيته عندما اصطف مبكرا الى جانب ذاك المارد الأسمر الجبَّار، جمال عبد الناصر، ذاك العربي الوطني الأصيل الآتي من الجنوب، والذي أحيا الجسدَ العربيِّ ، فدبَّت الروحُ فيه وتحرّك وهزَّ “الأرضَ” التي حملت اسمها الحركة التي ناضل فوزي في صفوفها.

فوزي الاسمر حمل الأمانة ورفعها إلى أبعد مدى في محطاته خارج فلسطين، بشعره وقلمه وشبكة علاقاته، وتمسك باصرار لا يلين بهويتها، موصياً كريمته الوحيدة واصدقاءه ومحبيه بأن يدفن في تراب ارضها، ليكمل مشوار عروبتها.

لقد بقيت يا فوزي كرفاقك الآخرين المؤسسين لحركة الارض وفيا لفلسطين وعروبتها وشعبها “فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.”

لك الرحمة ولأهلك وشعبك طول البقاء،

 والسلام عليكم ورحمة الله